طارق فريد
بعد عامين احتاج فيهما للوضع على أجهزة تنفس صناعي من جراء جائحة كورونا وبينما يعود العالم للتنفس بانتظام بدأت نذر حرب كارثية مؤجلة منذ سنوات تلوح في الأفق, وتكتم أنفاسه من جديد.
في عام 2014، نفّذت روسيا بقيادة السيد بوتين هجوما عسكريا على الأراضي الأوكرانية، بعد عزل الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش الذي كان يحجم أوكرانيا بالوكالة عن بوتين، وسيطر الروس على مواقع إستراتيجية وحيوية في شبه الجزيرة ، ثم ضمّت روسيا القرم تحت سيادتها، بعد استفتاء صوري. كان هذا في عهد الرئيس الديموقراطي باراك أوباما وقبل البريكست البريطاني.
وبينما وقف الغرب شبه مكبل إلا من بعض العقوبات الإقتصادية حمل الدب الروسي غنيمته وذهب مزهوا وبدأت أكاليل الغار تتكدس على رأس السيد بوتين الذي بات محط أمال القوميين الروس لاستعادة مجد الامبراطورية الروسية وخلق قطب عالمي جديد في مواجهة الغرب وربما الشرق أيضا.
بعدما أفاق الغرب وشعر بخظورة ما حدث لمجرد تخيله أنه في الطريق لصنع هتلر جديد. بدأ يتحين الفرصة لتقليم أظافر الدب الروسي وتحين فرصة خروجه لصيد جديد.
وقد كان, فقد قرر الدب الخروج من جحره بعدما هضم فريسته الأولى و أدلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخطاب أعلن خلاله أنه سيعترف باستقلال المنطقتين الأوكرانيتين اللتين يسيطر عليهما انفصاليون مدعومون من روسيا. بل أنه اتهم حكام اوكرانيا الموالين للغرب بأنهم نازيون جدد . ومسح هوية الدولة عن كل أوكرانيا مذكرا أن أوكرانيا لم تكن دولة قبل أن يصنعها الأتحاد السوفيتي.
وبدأت روسيا غزوا شاملا على أوكرانيا بدا بعد أيام أنه لن يمر كثير وقت إلا وتكون أوكرانيا بين فكي الدب, إلا أن الناتو الذي كان ينتظر تلك الفرصة انتفض بدعم غير محدود لأوكرانيا التي قوي واشتد عود قواتها شيئا فشيئا
بعد شهور من الدعم المستمر بدأت كفة الأوكران ترجح وتخلى الروس عن طموح اوكرانيا روسية وبدأو في تعديل اهافهم الاستراتيجيهم لتصبح شرف اوكراني روسي مدعوم بأغلبية سكان روسية.
لكن الأيام تمر والتراجع الروسي مستمر وربما يتخيل البعض أن المخطط الغربي لتدمير روسيا سيتوقف على استعادة الشرق الأوكراني المستولى عليه خلال الشهور السابقة. لكن الحقيقة أن الغرب قرر تدمير روسيا وتقليم أظتفرها بل واقتلاع أنيابها. وخصوصا بعد تدخلها المعادي في سوريا وليبيا وكذلك في افريقيا عن طريق قواتها شبه الرسمية متمثلة في شركة فاغنر للأمن.
ورغم الزهو الروسي والخطابات الحماسية من الكرملين وسيده الحاكم إلا أن شهور الحرب الأوكرانية أثبتت ضعف الجيش الروسي بعتاده التقليدي المتخلف تكنولوجيا وبجنوه فاقدي الدافع. وليس هذا فحسب بل التاريخ الحديث كله يؤكد تلك الحقيقة حيث أن روسيا وبعد انسحابها المخزي في الحرب العالمية الأولى ومنذ الاتحاد السوفيتي المنقضي لم يسبق لها الانتصار الحقيقي في حرب إلا بمساعدة الدول الغربية وأمريكا.
فقانون (الإعارة والتأجير ) الأمريكي مارس 1941 قبل الغزو الألماني للإتحاد السوفيتي بشهور كان عاملا حاسما في فشل الغزو الألماني. كذلك لم تتحرك القوات الروسية خارج حدودها أو تحديدا لم تبدأ غزوها المضاد لدول المحور إلا بعد انهيار تلك الأخيرة في نهاية 1944 وقبل شهور من احتلال برلين أبريل 1945.
وعندما حصد الروس نتيجة تضحيتهم بعشرين مليون مواطن وأصبحوا قوة عظمى كانت الحرب الوحيدة خارج حدودهم حرب أفعانستان. فمنيت روسيا بعد سنوات من تجرع المرارة بهزيمة قاسية وانسحاب مخزي من أفغانستان ولم تمر الحرب مرور الكرام إذ انهار على إثرها الاتحاد السوفيتي.
فما نشاهده الآن من اجتياح اوكراني وهروب شبه جماعي للجنود الروس فاقدي الدافع أمام السلاح الغربي بيد قوات شبه نظامية غير مدربة التدريب الكافي خير دليل. فضم روسيا للشرق باستفتاءات صورية لكي تمنح نفسها الحق في استخدام أسلحتها الذرية أو التهديد باستخدامها دليل بين على مدي الرعب والضعف الروسي أمام الدول الغربية.
فلن تجرؤ روسيا على استخدام السلاح النووي او إشعال حرب نووية كاملة لأن هذا سيجلب عليها وبال عزلها تماما عن كل العالم حتى أقرب حلفاءها وفي حال محاولة جس النبض بعملية نووية محدودة لن يكون لهذا تأثير على الغرب خصوصا أنهم قرروا تقديم الشعب الأوكراني والأرض الأوكرانية كرأس حربة.
ختاما فإنني اعتقد أن تلك الحرب لن تنتهي قريبا, بل ستستمر شهورا طويلة سيتم خلالها استحلاب كل قدرات روسيا الاقتصادية والعسكرية, حتى يصبح وجود السيدد بوتين نفسه عبئا على روسيا ومهددا لوجودها. حينها فقط سوف يكون التحرك الشعبي الرروسي متوافقا مع الأهداف الغربية وسيكون السيد بوتين سطرا باهتا في صفحة التاريخ المنطوية.







