وسط ترحيب عربى ودولى ..تم اليوم التوصل إلى اتفاق لاستئناف العلاقات بين الرياض وطهران ..وهى الخطوة التى كانت تبدو بعيدة المنال فى ظل 5 جولات تفاوضية شهدها العراق ولم تسفر عن أي تقدم، لكن ربما كان للتركبيات الجيوسياسية والتحولات الإقليمية القول الفصل فى تعزيز الرغبة المتبادلة فى هذا التوقيت .
حالة الاحتفاء باسستئناف العلاقات التى جرى قطعها عام 2016 على خلفيةالاعتداء على سفارة المملكة وقنصليتها في طهران، وسط احتجاجات إيرانيين على قيام السعودية بإعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر. تؤشر إلى ان ثمة حاجة قد تكون ظرفية لتجاوز الخلافات والمخاوف ..بيد أن الرغبة وإمكانية النجاح على المدى المتوسط في التوصل لتسوية سياسية حقيقة بين الرياض وطهران يشوبها بعض العوائق والنقاط الشائكة من بينها الملف اليمني الذي يحتل أولوية كبيرة للجانبين، ومن مصلحة الأطراف المختلفة المقايضة السياسية عليه
التصريح الحوثى عقب الإعلان يحمل قدراً من المخاوف الحذرة , فبعد إعلان المملكة العربية السعودية وإيران عن التوصل إلى اتفاق، الجمعة، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، أكد محمد عبدالسلام المتحدث باسم جماعة “أنصار الله” اليمنية (الحوثيون) أن المنطقة “بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها”.
وقال عبدالسلام، دون ذكر الاتفاق السعودي الإيراني صراحة، في تغريدة عبر حسابه على تويتر، إن “المنطقة بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها، تسترد بها الأمة الإسلامية أمنها المفقود نتيجة التدخلات الأجنبية وعلى رأسها الصهيوأمريكية، التي عملت على الاستثمار في الخلافات الإقليمية واتخذت الفزاعة الإيرانية لإثارة النزاعات وللعدوان على اليمن”.
تعليق نصر الله رغم وصفه لما حدث بالخطوة الجيدة غير أنه يحمل بين طايته دلالات الولاء فى بلد يعانى من سيطرة كاملة لطهران حيث قال المين العام لحزب الله ” ثقتنا مطلقة أن هذا الاتفاق ليس على مصلحتنا، لأننا واثقون أن الطرف الثاني لن يخلع صاحبه، ولا يزال خبراً أولياً، وهو تطور مهم ولو سار في مساره الطبيعي من الممكن ان يفتح آفاقاً في كل المنطقة ومن ضمنها لبنان”.
الاعلام العبري،وصف تجديد العلاقات بين السعودية وإيران بالضربة القاتلة لجهود بناء تحالف إقليمي ضد طهران وقال بينيت: إن تجديد العلاقات بين السعودية وإيران هو تطور خطير وخطير للغاية لإسرائيل وانتصار سياسي لطهران، وهذه ضربة قاتلة لجهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران.وتابع تصريحاته: هذا فشل ذريع لحكومة نتنياهو وينبع من مزيج من الإهمال السياسي والضعف العام والصراع الداخلي في البلاد.وأضاف قائلا: إن دول العالم والمنطقة ترى إسرائيل في صراع مع حكومة لا تعمل، تقوم بتدمير ذاتي ممنهج، حكومة نتنياهو فشلت اقتصاديًا وسياسيًا، وفشل أمني أيضًا، وكل يوم على بقائها يعرض إسرائيل للخطر، نحن بحاجة إلى حكومة طوارئ وطنية واسعة، تعمل على إصلاح الأضرار العديدة التي لحقت بنا. .
دلالات التوقيت فى الاتفاق تبدو هى الأخرى جوهرية كونها توشى بأن التركيبات الإقليمية أصبحت مختلفة، والسعودية تريد أن تفتح الملفات مع كل الأطراف بما في ذلك تركيا، والصين وروسيا، إلى جانب علاقات شبه فاترة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تراجع دورها نوعًا ما في السياسات الدولية مؤخرًا.
فضلاً عن أن دخول الصين على خط التسوية واعلان واشنطن علمها بالخطوة إحدى النقاط الساخنة التى لاتنفصل عما تشهده ساحات المنافسة بين القوى العظمى لإعادة صياغة خارطة الأقطاب إذ يعد الاتفاق تجسيد واضح لملامح التعددية القطبية، وتراجع عالم القطب الأمريكي الواحد لصالح أقطاب أخرى.
وخلال الأشهر القليلة الماضية تجددت العلاقات السعودية مع الدوحة واسطنبول وهناك مباحثات لإنهاء الحرب باليمن والتوصل لأتفاق سياسي بين الاطراف اليمنية بدعم سعودي، وهو ما يؤكد أن لدى المملكة رغبة كبيرة بالتحول لدولة اقتصادية كبرى مستقرة أو ما اطلق عليها ولي العهد السعودي «أوروبا الجديدة» يكون مركزها الرياض، والتحول من دولة تتزعم مذهب ديني منافس في المنطقة والعالم الإسلامي لدولة اقتصادية تنافس المراكز الإقتصادية العالمية.
إيران أيضًا مستفيدة في ضوء الضغوط الداخلية التي يتعرض لها النظام الإيراني،على خلفية العقوبات الأميركية ..إ أن رصيد أربعين عاما من حكم الملالي في إيران أوشك على النفاذ فى ظل انشغال النظام الحاكم بمغامراته التوسعية المتواصلة التى تجاوز حد الإنفاق عليها نحو 30 بليون دولار مقابل عجزه عن تحسين الأوضاع المعيشية للشعب فضلا عن ارتفاع نسب البطالة وانتشار تجارة الأعضاء وأكواخ الصفيح . فالهدوء الساخط من الاستبداد والفساد الذي انتشر في عهد الشاه وحاشيته يوجه الآن ضد “الملالي ” وبطانته والشعب بات قاب قوسين أو أدنى من ” التثوير” فى ظل تزايد التيارات المعارضة والحركات الانفصالية والاحتجاجات التى غدت جزءاُ من الروتين اليومي للشعب هناك
ربما كانت عجلة التحولات الإقليمية التي دارت وتيرتها مع الحرب الروسية الأوكرانية تتسارع الآن والعالم واقليم الشرق الأوسط خاصة مستمر في هذا التغيير وفي قلبه بمحددات فاعلة ومؤثرة.لكن تظل إجابة السؤال الأهم عالقة فى رحم الأيام ..هل سيغير الاتفاق سلوك إيران المزعزع لاستقرار المنطقة ؟ وماذا سيكون مصير وكلاءها فى فى 4 عواصم عربية ؟ هل يتخلى النظام الملائى الذى يستلهم وجوده من عقيدة التثوير عن أسباب استمراره ؟
